كتب إياد هريرة، وهو كاتب ومحلل سياسي مقيم في مونتريال، أن صيف هذا العام شهد تصاعد خطر جديد في سوريا بينما انشغل العالم بمتابعة الصراع بين إسرائيل وإيران. فبعد أن قاد أبو محمد الجولاني – زعيم هيئة تحرير الشام، الامتداد السابق لجبهة النصرة – الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، صار اليوم رئيساً لسوريا. حاول الجولاني إقناع المجتمع الدولي بأنه تغيّر، لكن الغرب، بما فيه كندا، صنّف تنظيمه لحركة معارضة مسلحة على أنها إرهابية، كما تعهّد في مقابلة عام 2014 مع قناة الجزيرة بحكم سوريا وفق الشريعة الإسلامية. ورغم إعلان حلّ الهيئة في يناير، اندمج مقاتلوها في الجيش والأجهزة الأمنية السورية، فيما يمضي النظام الجديد في الحكم بالدين لا بالديمقراطية، في مشهد يعيد إلى الأذهان بدايات الثورة الإيرانية عام 1979.
ادعى تقرير ذي جلوب آند ميل أن الثورة الإيرانية بدت آنذاك للبعض مجرد تغيير للسلطة، إذ حاول الرئيس الأميركي جيمي كارتر التعاون مع الخميني لضمان استقرار إيران، غير أن الأخير حوّل البلاد إلى ثيوقراطية شيعية قمعت الأقليات وسجنت المعارضين وصدّرت أيديولوجيتها خارج الحدود. اليوم يتكرر المشهد في سوريا لكن بوجه سنّي؛ فقد أطلق الجولاني قبل أشهر برلماناً سورياً تُجرى انتخاباته الشهر المقبل، على أن يختار لجاناً صغيرة معظم الأعضاء بينما يعيّن البقية بنفسه مباشرة. تُدار الدولة تحت راية الشريعة الإسلامية مع نفوذ واضح لرجال الدين على السياسة والثقافة، غير أن السلطة الفعلية تتركز في يد الرئيس وحده.
غضّ العالم بصره عن سوريا بعد أربعة عشر عاماً من الحرب والدمار وحكم الأسد الدموي، بينما تواجه الفئات الأضعف أخطاراً وجودية وسط استمرار تجاهل دولي. ووفق وكالة رويترز، قتل أكثر من 1500 علوي في مارس على يد قوات تتبع مباشرة للقيادة الجديدة في دمشق، وتواصلت بعدها عمليات قمع وقتل بحق الطائفة العلوية. وفي أبريل تعرّضت أسر درزية في محافظة السويداء لاعتداءات وتهديدات، كما استُهدف المسيحيون بهجمات، بينها تفجير انتحاري داخل كنيسة أرثوذكسية يونانية بدمشق في يونيو أسفر عن مقتل أكثر من 25 شخصاً.
وفي 15 يوليو، شاركت قوات حكومية سورية إلى جانب مقاتلين بدو في صراع دموي مع ميليشيات درزية بالسويداء، بحجة استعادة الأمن، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص وحرق ثلاثين قرية واندلاع أزمة إنسانية واسعة. لكن النظام ألقى باللوم على إسرائيل التي تدخلت بدعوى حماية الدروز المرتبطين بأبناء طائفتهم داخل فلسطين المحتلة.
وانتقد الكاتب الموقف الغربي الذي مازال داعما للجولاني؛ ففي اليوم نفسه الذي نشرت فيه رويترز تقريرها عن المجازر ضد العلويين، وصف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رئيس سوريا الجديد بأنه “رجل جيد وقوي”. وأكد مبعوثه الخاص أن سوريا يجب أن تُحكم مركزياً تحت قيادة واحدة، في إشارة إلى تقليص استقلالية الأقليات. وبعد أسابيع فقط أزالت واشنطن هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب.
https://www.theglobeandmail.com/opinion/article-whats-happening-in-syria-wont-stay-in-syria/